متلازمة تكيّس المبايض (PCOS) هي أحد أكثر الاضطرابات الهرمونية شيوعاً بين النساء في سن الإنجاب، حيث تؤثر على ما يقارب من 1 من كل 10 نساء. على الرغم من اسمها، فإن المتلازمة لا تقتصر على المبايض فحسب، بل هي حالة أيضية شاملة تؤثر على عدة أجهزة في الجسم.
الأعراض الرئيسية: أكثر من مجرد تكيّسات
يتم تشخيص المتلازمة عادة عند وجود اثنين من الأعراض الثلاثة التالية:
عدم انتظام الدورة الشهرية: تكون الدورة نادرة، غير منتظمة، أو قد تنقطع لفترات طويلة بسبب عدم حصول الإباضة بانتظام.
فرط الأندروجين (الهرمونات الذكرية): يرتفع مستوى الهرمونات الذكرية في الجسم، مما يؤدي إلى ظهور أعراض جسدية مثل:
نمو الشعر الزائد (الشعرانية): على الوجه، الصدر، البطن، أو الظهر.
حب الشباب: خاصة حول الفك والذقن.
تساقط الشعر: من مقدمة الرأس (نمط صلع ذكوري).
تكيّسات المبايض: يظهر المبيضان في صورة الأشعة بحجم أكبر ويحتويان على عدد كبير من الجريبات (الحويصلات) الصغيرة غير الناضجة التي تحيط بالمبيض مثل “عقد اللؤلؤ”.
أعراض ومضاعفات أخرى شائعة:
مقاومة الإنسولين وزيادة الوزن: تجد غالبية النساء المصابات بصعوبة في إنقاص الوزن، كما أن مقاومة الإنسولين تزيد من خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني.
العقم: يعد عدم انتظام الإباضة أحد الأسباب الرئيسية للعقم.
تغيرات في الجلد: مثل اسمرار الجلد في مناطق ثنايا الجسم كالرقبة والإبطين (الشواك الأسود).
اضطرابات المزاج: تزداد احتمالية الإصابة بالاكتئاب والقلق.
مشاكل في النوم: مثل انقطاع النفس الانسدادي أثناء النوم.
الأسباب والعوامل المؤثرة
لم يتم تحديد السبب المباشر والدقيق للمتلازمة، لكن الأبحاث تشير إلى تداخل عدة عوامل:
مقاومة الإنسولين: تلعب هذه المشكلة دوراً محورياً. عندما تقل استجابة خلايا الجسم للإنسولين، يفرز البنكرياس كميات أكبر منه، مما يحفز بدوره المبايض على إنتاج المزيد من الهرمونات الذكرية.
الخلل الهرموني: هناك عدم توازن في الهرمونات التناسلية، حيث ترتفع مستويات الهرمون اللوتيني (LH) والهرمونات الذكرية.
العامل الوراثي: تزداد احتمالية الإصابة إذا كانت هناك قريبة من الدرجة الأولى (أم، أخت) مصابة بالمتلازمة.
خيارات العلاج والتحكم في الأعراض
لا يوجد علاج جذري للمتلازمة، ولكن يمكن إدارة أعراضها بفعالية كبيرة من خلال خطة علاجية شاملة تركز على:
1. تغيير نمط الحياة (حجر الأساس للعلاج):
النظام الغذائي الصحي: يوصى بالاعتماد على نظام غذائي منخفض المؤشر الجلايسيمي، غني بالألياف، والبروتينات الخالية من الدهون، والخضروات للمساعدة في تحسين مقاومة الإنسولين.
النشاط البدني المنتظم: ممارسة الرياضة (مثل المشي السريع، تمارين القوة) تساعد على حرق السكر في الدم وتحسين استجابة الجسم للإنسولين.
فقدان الوزن: حتى فقدان 5-10% من الوزن الكلي يمكن أن يعيد انتظام الدورة الشهرية ويحسن الخصوبة بشكل ملحوظ.
2. العلاج الدوائي:
حبوب منع الحمل: تساعد على تنظيم الدورة الشهرية، وتقليل مستوى الهرمونات الذكرية، وبالتالي التحكم في أعراض حب الشباب ونمو الشعر الزائد.
الميتفورمين: دواء يحسن من حساسية الجسم للإنسولين، وينظم مستويات السكر في الدم، وقد يساعد في إنقاص الوزن واستعادة التبويض.
أدوية الخصوبة: مثل الكلوميد (كلوميفين) لتحفيز عملية الإباضة عند الرغبة في الحمل.
الوقاية من المخاطر طويلة المدى
يعد التشخيص والتدخل المبكران أمرين بالغي الأهمية. فالتحكم الجيد في متلازمة تكيّس المبايض لا يخفف الأعراض الحالية فحسب، بل يقلل بشكل كبير من مخاطر المشاكل الصحية المستقبلية، مثل:
داء السكري من النوع الثاني
أمراض القلب والأوعية الدموية
ارتفاع ضغط الدم
سرطان بطانة الرحم
بإدارة المتلازمة بشكل صحيح، يمكن للمرأة أن تعيش حياة صحية ومليئة بالنجاح، وتتخطى التحديات التي قد تواجهها في الخصوبة أو الصحة العامة.
إذا كنتِ تشكين في إصابتكِ بمتلازمة تكيّس المبايض، فإن استشارة طبيب النساء والغدد الصماء هي الخطوة الأولى والأهم نحو تشخيص دقيق ووضع خطة علاجية مناسبة لحالتكِ.
