تُعدّ جراحة الأوعية الدموية من أهم فروع الطب المتخصصة في تشخيص وعلاج أمراض الشرايين والأوردة والجهاز اللمفاوي في جميع أنحاء الجسم (باستثناء القلب والدماغ). تؤدي هذه الأوعية دورًا حيويًا في نقل الدم والأكسجين إلى الأنسجة، وأي خلل فيها قد يؤدي إلى مشاكل خطيرة مثل تمدد الشريان الأورطي، السكتة الدماغية، أو مرض الشرايين الطرفية (PAD).
ويقف في مقدمة هذا المجال جرّاحو الأوعية الدموية، وهم أطباء يجمعون بين المهارة الجراحية الدقيقة والمعرفة العميقة بعلم وظائف الأوعية للحفاظ على سلامة الدورة الدموية وتحسين جودة حياة المرضى.
من هو جرّاح الأوعية الدموية؟
جرّاح الأوعية الدموية هو الطبيب المتخصص في الوقاية من أمراض الأوعية الدموية وتشخيصها وعلاجها. وعلى عكس العديد من التخصصات الجراحية الأخرى، فإن جرّاح الأوعية مؤهل لإجراء كل من العلاجات الجراحية وغير الجراحية، بما في ذلك الإجراءات الداخلية (Endovascular) والعمليات المفتوحة.
كما يشارك جرّاحو الأوعية في علاج قرح القدم السكرية وإنشاء الوصلات الوريدية للغسيل الكلوي (Dialysis Access). ولا يقتصر دورهم على الجراحة فقط، بل يشمل أيضًا تثقيف المرضى حول نمط الحياة الصحي، ووصف الأدوية، والمتابعة طويلة الأمد.
برنامج الزمالة في جراحة الأوعية: طريق التخصص
لكي يصبح الطبيب جرّاح أوعية دموية، عليه أن يجتاز مسارًا تدريبيًا طويلًا يشمل:
دراسة الطب العام (بكالوريوس الطب أو ما يعادله)
الإقامة في الجراحة العامة – عادة من 5 إلى 7 سنوات
زمالة جراحة الأوعية الدموية – تدريب تخصصي لمدة عامين في الجراحة والعلاجات داخل الأوعية
خلال برنامج الزمالة، يتعلم الأطباء كيفية تشخيص وإدارة أمراض الأوعية المعقدة، وأداء العمليات الجراحية المفتوحة والعلاجات الداخلية مثل رأب الأوعية (Angioplasty) ووضع الدعامات (Stenting). كما يكتسب المتدربون مهارات في التصوير بالموجات فوق الصوتية (Ultrasound) والقسطرة التشخيصية والعناية بالمرضى بعد الجراحة.
تُشجع معظم برامج الزمالة على العمل الجماعي متعدد التخصصات مع أطباء القلب والكلى والأشعة لتحقيق أفضل النتائج العلاجية. وبعد التخرج، يصبح الأطباء مؤهلين للحصول على شهادة البورد في جراحة الأوعية لممارسة المهنة كمتخصصين مستقلين.
التطورات الحديثة في جراحة الأوعية
شهدت السنوات الأخيرة ثورة في مجال جراحة الأوعية بفضل التقنيات الحديثة مثل الجراحة الروبوتية والدعامات القابلة للتحلل والتصوير الداخلي للأوعية، مما جعل العلاج أكثر دقة وأقل تداخلاً. وتعدّ فترة الزمالة فرصة مهمة للطبيب لاكتساب الخبرة في هذه التقنيات المتقدمة وتطوير مهاراته لمواكبة التطور الطبي المستمر.
الخلاصة
يُعتبر جرّاحو الأوعية الدموية حجر الأساس في الحفاظ على صحة الدورة الدموية ومنع المضاعفات الخطيرة مثل الجلطات أو بتر الأطراف. ويُعدّ برنامج الزمالة في جراحة الأوعية خطوة جوهرية في تأهيل الجراحين لاكتساب المهارات المتقدمة اللازمة للتعامل مع أكثر الحالات الطبية تعقيدًا.
إنّ جراحة الأوعية اليوم هي مزيج من العلم، والدقة، والرحمة — هدفها الأساسي إنقاذ الأرواح وتحسين جودة الحياة من خلال ضمان تدفق الدم بسلاسة في كل شريان ووريد.
